الخروقات والانتهاكات الجسيمة
في حق الطلبة والطالبات والجامعة المغربية
شهدت جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء خلال الفترة الممتدة بين 13 و16 مارس 2023، انتهاكات حقوقية بالجملة من طرف قوى القمع المخزني بمختلف أنواعها، حيت أقدمت السلطات على تطويق الجامعة واقتحام المدرجات لمنع استمرار فعاليات الملتقى الوطني 17 الذي أعلن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على تنظيمه في نفس الأسبوع، ولم تقتصر القوات الأمنية على منع النشاط الطلابي فقط بل وصلت بها الجرأة إلى فرض سلطتها على عمادات كليات الجامعة لتوقيف الدراسة وإلغاء جميع الحصص الدراسية التي كانت مقررة بمبررات واهية وبليدة، بالإضافة إلى إخراج الطلبة بالقوة تحت وابل من الضرب والسحل والسب والشتم، ناهيك عن القيام بمنع الطلبة من ولوج الكلية والتدخل في حقهم بكل وحشية وعنف، الأمر الذي خلف إصابات جسيمة في صفوف الطلبة والطالبات المشاركين في الملتقى، ناهيك عما خلفه الترهيب الأمني من صدمة في صفوف طلبة الجامعة وسكان المنطقة المحيطة بالجامعة.
هذا المنع الذي يأتي ضمن سلسلة من مشاهد التضييق والحصار الذي تتعرض له أنشطة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والجامعة المغربية والطالب المغربي بالخصوص، تعد أصلا مؤصلا في دولة مخزنية لا تتقيد لا بقانون ولا بمقتضيات حقوق الانسان، وتستغل كل فرصة لتسويغ إجراءاتها القمعية والمنتهكة للحريات، مشاهد ومعطيات متعددة وخطيرة تم رصدها وتابعتها عدسات الصحفيين والإعلاميين ووثقها البث المباشر في صفحة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وشهدها العالم كله، تؤكد إصرار المخزن على اجتثاث أي فعل طلابي من الجامعات دون احتكام للعقل أو المنطق.
وإن الكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب إذ تصدر هذا التقرير الحقوقي، تذكر أنه قد جرت العادة على تنظيم هذه الملتقيات بشكل دوري، مرة كل سنتين، تحضر بها وفود عن كل الجامعات المغربية، وتزورها عدد من المنظمات الطلابية الصديقة، وتشهد فعاليات ثقافية وعلمية متنوعة، تحمل إبداعات الطلبة وإنتاجاتهم البحثية، وتعد أيضا فرصة للتعبير عن هموم الطلبة وإسماع صوتهم بخصوص المخططات والسياسات التعليمية والاجتماعية التي يتضرر منها الطلبة.
ونضع بين أيديكم جملة من الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الاتحاد الوطني ومناضلوه وعموم الطلبة والجامعة المغربية خلال هذه الأيام الأليمة:
الجامعة في جميع المواثيق الدولية هي فضاء للمعرفة والحوار البناء، والتجمع السلمي وتنظيم الفعاليات الطلابية والثقافية حق مشروع لكل طالب، لا يحق لأي جهة خارجية التدخل فيه، وهذه السياسة الجديدة التي تنتهجها السلطات العمومية مع الأنشطة الطلابية تجعلنا نطرح آلاف التساؤلات حول مصير الجامعة المغربية بل ومصير المنظومة التعليمية ككل.
أعلنت عمادة كلية الحقوق عين الشق وفي خطوة غير مسبوقة في بلاغ لها عبر موقعها الرسمي صباح يوم الأحد 12 مارس عن توقف الدراسة لمدة يومين بدون مبرر، ليتم إغلاق أبواب الكلية في اليوم التالي ومنع الطلبة من الاستفادة من المرافق العمومية الخاصة بالجامعة وأهمها المكتبة. وهي نفس الطريقة التي تم الإعلان بها عن توقف الدراسة في كلية العلوم عين الشق، حيت تم إخراج الطلبة من مدرجاتهم قبل نهاية الحصص وإقفال المدرجات، وتدخل بعض الإداريين لتفريق التجمعات الطلابية في الساحة وحث الطلبة على مغادرة الكلية، وحين باءت جميع المحاولات بالفشل، انتقل الأمر لمستوى آخر حيت تم إرسال رسائل تهديد للطلبة وفي المجموعات الطلابية من طرف أرقام مجهولة مفادها أن سلامة الطلبة الجسدية ستكون في خطر إن لم يفرغوا الكلية، أساليب هجينة لا تمت للتربية والتعليم بصلة كانت للأسف بتواطؤ مع بعض الأساتذة الجامعيين الذين عوض أن يحتجوا ويستهجنوا هذه التعليمات الفوقية خضعوا لها وأخلوا الكلية في مساء اليوم الثاني.
التوقيف المفاجئ للدراسة في جميع الكليات التابعة لجامعة الحسن الثاني أثر بشكل كبير على الزمن الجامعي وعلى الطلبة والطالبات خاصة منهم من حرموا من عروض ومواد مهمة تم تأجيلها بشكل مفاجئ، بالإضافة إلى التكوينات الخاصة بطلبة الدكتوراه، ممارسات مرتجلة اشتكى منها طلبة الجامعة الذين فطنوا إلى أنهم أصغر حلقة في سلسلة اتخاذ القرار الذي يخصهم بالدرجة الأولى.
صورة التقطت في اليوم الأول من أيام الملتقى، تظهر حشدا من الطلاب داخل مدرج كلية العلوم عين الشق قبل اقتحامه وانتهاك حرمة الجامعة من طرف الأجهزة الأمنية.
بعد تطويق الكلية واقتحامها، عنصر من عناصر الأمن يصعد فوق طاولات المدرج لتعنيف الطلبة وإجبارهم على المغادرة ومنعهم من تنظيم نشاطهم الطلابي.
إغلاق أبواب الكلية ومحاولة منع الطلاب من ولوج الفضاء الجامعي.
في دولة تعتبر من الدول التي تحمل شعار مناهضة العنف ضد النساء ولا تمل في كل المحافل الدولية من الدفاع على سلامة المرأة النفسية والجسدية وحرمتها، سجلت الأجهزة الأمنية مشاهد منافية لكل الشعارات المرفوعة، حيت رصدت كاميرات الصحافيين والإعلاميين قوى القمع وهي تدفع وتركل وترفس الطالبات، بل وتجردها من حق من حقوقها الأساسية وهو الحجاب، مشاهد لم نعتد عليها مطلقا، بل حتى أن من أدبيات الأجهزة الأمنية ومن باب الرجولة والمروءة وعاداتنا المغربية أن عرض المرأة خط أحمر، فتسجيل هذه الوقائع أمام جامعة مغربية ومع الأجهزة الأمنية التي من المفترض أن تحمي بنات بلدها، كان تأثيره ووقعه صعبا على الطالبات والطلبة، وخلف حالات نفسية عديدة في صفوف الطالبات خاصة الحالات التي تم فيها نزع حجاب الطالبات وما رافق ذلك من أذى جسدي ونفسي وإهانات وسب وشتم...
آخر خيار كان أمام الطلبة والطالبات الممنوعين من تنظيم النشاط الطلابي داخل المكان الطبيعي لهم وهو "الجامعة" هو اللجوء لخطوة التظاهر السلمي أمام أبواب الكلية التي أغلقت في وجوههم، فاصطف الطلبة في صفوف منظمة وبشعارات سلمية وبلغة محترمة يعبرون عن رفضهم لهذا المنع، حتى هذا الحق تمت مصادرته، وأقدمت الأجهزة الأمنية بشتى أنواعها على محاصرة هذا الاحتجاج السلمي، وتعنيف الطلبة العزل بشتى أنواع العنف ومنعهم من التجمع أمام الكلية.
لم تسجل الجامعة مطلقا في تاريخ الاحتجاجات الطلابية دخول رجال الأمن بمختلف تلاوينهم رفقة القيادات الأمنية لحجرة الدرس لضرب الطلبة وإخراجهم بالقوة أمام بث مباشر يشاهده عشرات الآلاف، فقد سجلت كاميرات الإعلام يومي الاثنين والثلاثاء 13-14 مارس دخول الأجهزة الأمنية للمدرج، بل والصعود لمنصة الدرس واعتلاء الطاولات لاقتلاع الطلبة من كراسيهم الدراسية وإخراجهم من المدرج في مشهد صادم ينم عن تحول رهيب في العقل الأمني الذي أصبح يستبيح المحظورات وينتهك الحرمات.
إخلاء الكلية وحرمان الطلبة من حصصهم الدراسية
تطويق محيط الكلية بمختلف تلاوين الأجهزة الأمنية ومنع الطلبة من ولوج مؤسسات جامعة الحسن الثاني
أحد الحراس يخرج طالبا بالعنف من الكلية ويمنعه من ولوجها.
توقيف الدراسة وإغلاق أبواب الكلية، من طرف الأجهزة الأمنية وعناصر أخرى بزي مدني.
عبر عميد كلية العلوم عين الشق في اليوم الأول من فعاليات الملتقى الوطني 17 وخلال حواره مع أعضاء تعاضدية الكلية حول المنع الذي طال النشاط، عن أن قرار توقف الدراسة ومنع النشاط جاء عبر تعليمات فوقية من وزارة الداخلية ولا دخل لعمادة الكلية فيها، الأمر الذي يضرب ويمس باستقلالية الجامعة كفضاء للتحصيل العلمي والمعرفي، ويجعلنا نسجل بالملموس بأن الجامعة المغربية أصبحت ملحقة تابعة للجهاز الأمني.
استعدت الوفود الطلابية للمحطة الوطنية فكريا ونفسيا وأعدوا العدة وجهزوا أروقة ومواد تواصلية ولافتات خاصة بكل فرع، جهود كبيرة تم نسفها بكل بساطة من طرف القوى القمعية، وبكل وقاحة أقدمت الأجهزة الأمنية على مصادرة تجهيزات الملتقى، مع إتلاف أغلبها.
قامت الأجهزة بملاحقة كل من حمل هاتف ليصور به أحداث التدخل أو العنف، وفي اليوم الأول والثاني من التدخل قامت بأخذ الهواتف والاطلاع على محتوياتها من أجل حذف الصور أو الفيديوهات، لكنها بعد ذلك عمدت إلى تكسيرها والسطو عليها، بل وقامت بالهجوم على كل الإقامات السكنية المقابلة ساحة الكلية من أجل التهديد وحذف كل محتويات هواتف السكان، وتجولت على كل المقاهي والمحلات المحيطة بالكليات من أجل إفراغ محتويات كاميراتها.
بعد تطويق الكلية واقتحامها، عنصر من عناصر الأمن يصعد فوق طاولات المدرج لتعنيف الطلبة وإجبارهم على المغادرة ومنعهم من تنظيم نشاطهم الطلابي.
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الجامعة المغربية، مسؤولون أمنيون صحبة عشرات قوات القمع يقتحمون المدرج بعنف ويعتلون منصته على البث المباشر.
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الجامعة المغربية، مسؤولون أمنيون صحبة عشرات قوات القمع يقتحمون المدرج بعنف ويعتلون منصته على البث المباشر.
لحظة اقتحام الحرم الجامعي والاستعداد للتدخل خلال اليوم الأول بكلية العلوم عين الشق
لحظة اقتحام الحرم الجامعي والاستعداد للتدخل خلال اليوم الأول بكلية العلوم عين الشق
إصابات بليغة متفاوتة الخطورة في صفوف الطالبات وانتهاك حرمتهن (خلع الحجاب ...)
إصابات بليغة متفاوتة الخطورة في صفوف الطالبات وانتهاك حرمتهن (خلع الحجاب ...)
تمادت وحشية القوى القمعية بحيث وظفت عناصر من البلطجية بزي مدني وآخرين بأزياء خاصة بالحرس الجامعي، التحقوا بالجامعة مساء اليوم الأول وأخذوا يتجولون في أرجاء الكلية، ليتجرأوا في الأيام الموالية على الاعتداء على الطلبة والطالبات داخل الكلية التي تعتبر مكانا للعلم وملاذا للأمن والأمان، فركلوا ورسفوا وضربوا بالعصي الخشبية الغليظة، التي لا يضرب بها حتى رجال الأمن، الطلبة والطالبات.
جردت الأجهزة القمعية المخزنية نفسها من كل معاني الإنسانية، فبعد أن تدخلت بشكل وحشي همجي في حق الطلبة والطالبات وأردتهم مصابين، لم تكلف نفسها حتى عناء الاتصال بسيارات الإسعاف بعد أن تمت مصادرة هواتف الطلبة والطالبات، بل حتى بعد أن تم الاتصال بها تأخرت تأخرا غير مقبول مقارنة بالحالات الحرجة التي كانت في صفوف الطلبة والتي كانت تحتاج تدخلا سريعا.
لم تقتصر القوات القمعية على الضرب والرفس ومنع الإسعاف من الوصول للمصابين فقط، بل تجاوزت ذلك إلى سحل الطلبة المصابين الذين كان بعضهم في حالة إغماء تامة، بالإضافة إلى المرور فوق أجساد المصابين خلال التدخل وعدم احترام مساحة الأمان التي وفرها الطلبة بأجسادهم لحماية منطقة المصابين، الأمر الذي يعتبر انتهاكا صارخا وسلوكا حرمته المواثيق الدولية حتى في الحروب بين الأعداء.
عنصر من عناصر الأمن يصادر هاتف طالب يوثق العنف الوحشي الذي تعرض له الطلبة والطالبات
باب المدرج لحظة الاقتحام
باب المدرج لحظة الاقتحام
مصادرة وإتلاف ممتلكات الطلاب (ملابس، أحذية، محافظ، هواتف..)
التحقت الأجهزة الأمنية بأعداد مهولة مباشرة بعد نقل المصابين إلى المستشفيات، ووصلت بها الجرأة إلى انتهاك حرمة المرضى واقتحام غرف المرضى للتحقيق بأساليب غير مشروعة مع المصابين وحثهم على الإمضاء القسري على المحاضر، وأخذ بصمات الطلبة الذين كانوا في حال إغماء. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد تدخلت الأجهزة الأمنية حتى في نتائج الفحوصات، وأرغمت الأطباء والممرضين على تزوير التقارير الطبية وعدم التصريح بحالات الكسور والإصابات البليغة، الأمر الذي تم إثباته بعد نقل المصابين لمستشفيات خاصة حيث كانت التقارير مختلفة تماما عن سابقتها.
في مشهد مخز ومهين للكرامة الإنسانية، تعرض الطلبة والطالبات لشتى أنواع التعنيف من ضرب ورفس وسحل وشتم وسب وهم نخبة المجتمع وشريحته الفتية ومستقبل هذا الوطن، ورأينا أطر المستقبل يتعرضون لأشد صور الإهانة والتعنيف، الأمر الذي أسفر عن إصابات بليغة من كسور وإغماءات واختناقات، بالإضافة إلى صدمات نفسية لا زلنا نحاول رصد حالاتها.
أشخاص مجهولي الهوية يعنفون الطلبة بوحشية داخل كلية العلوم بنمسيك
ترك الطلبة المصابين إصابات خطيرة وحرجة على الأرض وتماطل المسؤولين في الاتصال بسيارات الإسعاف.
ترك الطلبة المصابين إصابات خطيرة وحرجة على الأرض وتماطل المسؤولين في الاتصال بسيارات الإسعاف.
صورة توثق عمليات السحل التي تعرض له عدد مهم من الطلبة والطالبات من طرف الأجهزة الأمنية وبعض الأشخاص لا يحملون أي إشارة تثبت تبعيتهم للأجهزة الأمنية
صورة توثق التطويق الأمني المكثف واستعداد الأجهزة الأمنية لارتكاب مجزرة وحشية في حق طلاب سلميين
الضرب الشديد يستهدف بشكل متعمد الرأس ومناطق حساسة من الجسم
أكثر من 7 أشخاص لا يحملون أي إشارة تثبت تبعيتهم للأجهزة الأمنية يعتدون بشكل وحشي على طالب أعزل، ويتهدفون مناطق مختلفة من جسمه رغم إصابته المسبقة
عدد الإصابات الإجمالي
385عدد الطلبة والطالبات الذين نقلوا إلى المستشفيات العمومية والخاصة
223الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
الكتابة الوطنية